بقلم: الدكتور سودرمان سوفرمن
Abstraction:
Memahami
illat bagi seorang mujtahid merupakan salah satu hal yang amat terpenting, karna illat sebagai salah satu
alat dalam menggali suatu hukum (Istinbat), baik yang bersumber dari al-Qur’an
maupun sunnah. Sehingga dalam menetapkannya mujtahid dapat mengetahui manakah
illat yang mundhobit dan mana illat yang bukan mundhobit sebagai dasar
menetapkan sebuah hukum.
Kata-kat Kunci: Al-Ushuly, Illat, Istinbat, Mundhobit,.
1.
معنى العلة:
العلة في اللغة :
اسم لما يتغير الشيء
بحصوله ، أخذاً من علة المريض؛ لأن الجسم يتغير حاله من الصحة إلى السقم ، ومنه يسمى
الجرح علة لأن بحلوله بالمجروح يتغير حكم الحال.
قال القرافي: "العلة
باعتبار اللغة مأخوذة من ثلاثة أشياء: العرض المؤثر: كعلة المرض، وهو الذي يؤثر فيه
عادة. والداعي للأمر: من قولهم: علة إكرام زيد لعمرو، علمه وإحسانه. وقيل: من الدوام
والتكرار: ومنه العلل للشرب بعد الري، يقال: شرب عللاً بعد نهل.[1]
وفي الاصطلاح: اختلف
العلماء في تعريف العلة على اقوال:
القول الأول هو
قول الغزالي: أنها الوصف المؤثر في الحكم لا بذاته بل بجعل الشارع.[2]
والمؤثر معناه: الموجود في الحكم، وهو قيد
يخرج بذلك العلة فإنه لا تأثير فيها.[3]
القول الثاني هو
القول المعتزلة: أنها المؤثر في الحكم بذاتها لا بجعل الله. وهذا على بناء قاعدتهم
في التحسين والتقبيح العقلي. فالعلة وصف ذاتي
لا يوقف على جعل جاعل.[4]
القول الثالث هو
القول الآمدي: أنها الوصف الباعث على الحكم، أي مشتملة على حكمة صالحة تكون مقصودة
للشارع في شرع الحكم. وهذا بناء على تعليل أفعال الرب بالأغراض.
القول الرابع هو
الذي اختيار الرازي والبيضاوي هو أظهر الأقوال: أنها الوصف المعرف للحكم بوضع الشارع.
وللعلة أسماء مختلفة،
فهي تسمى: السبب، والإمارة، والداعي، والمستدعي، والباعث، والحامل، والمناط، والدليل،
والمقتضي، والموجب، والمؤثر.[5]
2. شروط العلة:
ذكر
الأصوليون في العلة شروطاً تجاوزت عشرين شرطاً،[6]
على خلاف بين العلماء في تقرير بعضها، ولذا
سوف اقتصر هنا على أهم هذه الشروط.
أولاً:
أن تكون العلة وصفاً متعدياً.
وهو
أن لا يكون الوصف مقصوراً على الأصل، بمعنى أنه يمكن تحقق الوصف في عدة أفراد؛ لأن
أساس القياس مشاركة الفرع للأصل في علة الحكم.
ثانياً:
أن تكون العلة وصفاً ظاهراً جلياً.
ومعنى
كونه ظاهراً أي يكون محساً يدرك بحاسة من الحواس الظاهرة.
قال
ابن تيميه: "وإن كانت العلية خفية، فلا سبيل إلى تعليق الحكم بها، وإنما يُعلق
بسببها، وهو نوعان:
أحدهما:
أن يكون دليلاً عليها كالعدالة مع الصدق، والأبوة في التملك والولاية فهنا يعمل بدليل
العلة ما لم يعارضها أقوى منه.
الثاني:
أن يكون حصولها معه ممكنا، كالحدث مع النوم، والكذب أو الخطأ مع التهمة القرابة أو
الصداقة".[7]
فالعلة
الخفية لا يمكن معرفة مناط الحكم فيها إلا بعسر وحرج. والحرج منتفي بقوله تعالى :(وما
جعل عليكم في الدين من حرج) [الحج:78]
ثالثاً:
أن تكون العلة وصفاً منضبطا.ً
يشترط
في الوصف المعلل سواء كان حقيقياً أو لغوياً أو شرعياً أو عرفياً أن يكون منضبطاً بأن
يكون محدداً متميزاً يمكن التحقق من وجودها في الفرع بحدها فلا تختلف باختلاف الأشخاص
والأحوال والأماكن بخلاف الاختلاف اليسير فإنه لا يؤثر.
مثال
العلة المنضبطة: تحريم الخمر لعلة الإسكار، فالإسكار وصف محدد منضبط يقاس عليه كل مسكر
ولا يؤثر قوة الإسكار وضعفه؛ لأنه اختلاف يسير فإن لم تسكر في بعض الأحوال فذها لا
ينافي أن من شأنها الإسكار.
ومثال
العلة غير المنضبطة: المشقة في السفر ، فالمشقة علة غير منضبطة لكونها تختلف باختلاف
الأشخاص والأحوال فلا يصح التعليل بها، لذلك أقام الشارع مقامها أمراً منضبطاً وهو
مظنة المشقة وهو السفر.
رابعاً
: أن تكون العلة مناسبة للحكم.
ومعنى
كون العلة مناسبة في الحكم، أي يصح تعليق الحكم بها وهو أن يغلب على ظن المجتهد أن
الحكم حاصل عند ثبوتها لأجلها، دون شيء سواها فهي مظنة لتحقيق حكمة الحكم . فالمصلحة
التي قصدها الشارع بتشريع الحكم تتحقق بربطه بهذا الوصف. فالسرقة وصف مناسب وملائم
لتشريع الحكم وهو قطع يد السارق؛ لأن ربط الحكم بالسرقة فيه المحافظة على أموال الناس.[8]
خامساً:
أن تكون العلة سالمة بحيث لا تخالف نص ولا إجماع.
فالنص
والإجماع لا يقاومهما القياس؛ بل لا يكون لهذا الوصف اعتبار ولا مناسبة للحكم إذا خالف
النص أو الإجماع ويكون الحكم باطلاً، لأن القياس لا يستعمل إلا عند عدم وجود النص أو
الإجماع فلا يكون رافعاً لهما. وهكذا كل مصلحة تخالف النصوص المقطوع بدلالتها تكون
غير صالحة لأن تكون علة لإثبات حكم؟.[9]
سادسا:
أن تكون العلة مطردة.
أي كلما
وجدت العلة وجد الحكم دون أن يعارضها نقض، والنقض هو أن توجد الحكمة ولا يوجد معها
حكم.
3. مسالك العلة:
المسالك
جمع مسلك وهو في اللغة: مكان السلوك أي المرور.
وفي
الاصطلاح: الطرق التي يتوصل بها إلى معرفة العلة الموجودة في الأصل، وتمييزه من سائر
الأوصاف الأخرى.
وطرق إثبات العلة هي: النص،
والإجماع، والاستنباط. ويأتي تحت الاستنباط: الإيماء، والمناسبة، والدوران، والسبر
والتقسيم، والشبه، والطرد، وتنقيح المناط.[10]
المسلك
الأول: النص.[11]
وهو
أن يدل دليل من الكتاب أو السنة على العلة التي من أجلها وضع الحكم. والنص عل العلة
نص على فروعها.
ودلالة
النص على العلة قد تكون صريحة، أو محتملة.
الصريحة:
وهي التي وضعت لإفادة التعليل ؛ بحيث لا تحتمل غير العلة.
قال
الآمدي: "الصريح هو الذي لا يحتاج فيه نظر ولا استدلال؛ بل يكون اللفظ موضوعاً
في اللغة له".[12]
وفي
هذه الحالة تكون دلالة النص على العلة قطعية، وله ألفاظ كثيرة منها: لكيلا، لئلا، ومن
أجل ذا، وإذن، ونحوها كقوله تعالى: (فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على
المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم).[الأحزاب:37].
وقوله
تعالى: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل). [النساء:
165]
وقوله
تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل).[المائدة:32]
وقوله
تعالى: (كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم).[الحش:7].
المحتملة:
وهو النص الظاهر الذي دل على العلة مع احتمال غيرها احتمالاً مرجوحاً. وله ألفاظ: اللام،
والباء، وأنْ، وإنّ.
أما
اللام فتارة تكون ظاهرة كقوله تعالى:(كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى
النور). [إبراهيم:1]. فاللام هنا للتعليل وتحتمل أن تكون للعاقبة، قال صاحب التنقيح:
"اللام في اللغة تأتي للتعليل، وتستعمل للملك، ولو أضيفت إلى الوصف تعينت للتعليل،
(29) وتارة تكون مقدرة كقوله تعالى: (عتل بعد ذلك زنيم أن كان ذا مال وبنين) [القلم:13،14]
أي لأن كان ذا مال.
أما
الباء كقوله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم) [آل عمران :159] أي بسبب الرحمة، فهي
مفيدة للتعليل. والباء لها استعمالات كثيرة كالإلصاق، والتعدية، والاستعانة، والمصاحبة،
والظرفية، والمجاوزة وغيرها. ولهذا جعلت من قبيل الظاهر لاحتمالها غير التعليل .
أما
أن الناصبة فإنها بمعنى "لئلا"، والفعل المستقبل بعدها تعليل لما قبله، كقوله
تعالى: "أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا" [الأنعام:156]
أي : لئلا تقولوا .
أما
إنّ فكقوله في الهرة: (إنها من الطوافين عليكم والطوافات؟[13]،
فعلل طهارة الهرة بالطواف عليهم.
المسلك
الثاني : الإيماء والتنبيه
هو اقتران
الوصف أو نظيره بالحكم، لو لم يكن الوصف أو نظيره للتعليل، لكان ذلك الاقتران بعيداً
من فصاحة الكلام، ومعيباً عند العقلاء، والشارع منزه من ذلك، فيحمل على التعليل دفعاً
للاستبعاد.
والإيماء والتنبيه على أنواع،
منها:
النوع
الأول: تعليق الحكم على العلة بالفاء، وهذا يفيد العلية بالاتفاق، وهو على أنواع:
الأول:
أن تدخل الفاء على العلة، ويكون الحكم متقدماً، كقوله (ـ في المحرم ـ الذي وقصته ناقته:
(لا تخمروا رأسه، فإنَّه يبعث يوم القيامة ملبيا)ً.[14]
الثاني:
أن تدخل الفاء على الحكم، وتكون العلة متقدمة، فهذا تنبيه على تعليل الحكم بالفعل الذي
رُتب عليه، كقوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيدهما) [المائدة:38 ] فدل هذا
أن القطع معلل بالسرقة، وأنها سببه.
الثالث:
تعليق الحكم على العلة بالفاء في غير كلام الشارع، ما رتبه الراوي بالفاء، كقول عمران
بن حصين: ( أن النبي ( صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم،[15] فعلة السجود السهو.
النوع
الثاني: ترتيب الحكم على وصف بصيغة الجزاء، كقوله تعالى: (من يأت منكن بفاحشة مبينة
يضاعف لها العذاب ضعفين)، وقوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) أي لأجل تقواه؛ لأن الجزاء يتعقب الشرط ويلازمه.
النوع
الثالث: أن يقع الحكم موقع جواب لسؤال، كقول الأعرابي للنبي؟ : واقعت على امرأتي في
رمضان. فقال: "اعتق رقبه" [16]
فإنه يدل على أن الوقاع علة للعتق، وهذا القسم
يلحق بالذي قبله، وإن كان أقل منه في الظهور وذلك أن ترتيب الحكم هنا بفاء التعقيب
المقدرة وهي ليست بقوة فاء التعقيب الصريحة؛ فكأنه قال: إذا واقعت فكفر.
النوع
الرابع: أن يذكر الشارع مع الحكم وصفاً ولم يصرح بالتعليل فيه، فلو قدر أن هذا الوصف
غير مؤثر في الحكم لما كان لذكره فائدة، ولكان لغواً غير مفيد، فيجب تعليل الحكم بذلك
الشيء المذكور معه صيانة لكلام النبي عن اللغو إذ الدليل القاطع دل على عصمته من ذلك،
فيكون ذكر الوصف تنبيها على أنه علة الحكم.
النوع
الخامس: أن يفرق الشارع بين أمرين في الحكم بذكر صفة فاصلة، فإن ذلك يشعر بأن تلك الصفة
هي علة التفرقة في الحكم، وقد يذكر الحكمين معاً نحو حديث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ
قال: (قسم رسول الله (يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهماً).[17]
فالحكمان
هما إعطاء الراجل سهماً، والفارس سهمين.
النوع
السادس: أن يذكر في سياق الكلام شيئاً، لو لم يعلل به صار الكلام غير منتظم ، كقوله
تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا
البيع) [الجمعة:9]. والآية سيقت لبيان أحكام الجمعة وليس لبيان أحكام البيع، فذكر النهي
عن البيع في هذا المقام مشعر بأن له ارتباط بأحكام الجمعة؛ فلو لم يعلل النهي عن البيع
بكونه مانعاً من السعي إلى الجمعة، لكان ذكره لاغياً؛ وهذا ممتنع لأن البيع لا يمنع
منه مطلقا .
النوع
السابع: اقتران الحكم بوصف مناسب، كقوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي
جحيم). [الانفطار:13،14] أي لبرهم وفجورهم.
المسلك
الثالث: الإجماع.[18]
والمراد
بالإجماع اتفاق المجتهدين من أمة محمد؟ في
عصر من العصور على أمر من الأمور.
والمقصود
هنا أن تجمع الأمة على أن هذا الحكم علته كذا ، كالإجماع على أن العلة في قوله: (لا
يقضي القاضي وهو غضبان).
اشتغال
قلبه عن الفكر والنظر في الدليل والحكم، فيقاس به اشتغاله بجوع أو عطش أو خوف أو ألم
أو نحو ذلك مما يشوش الفكر. وكإجماعهم في تقديم الأخ الشقيق على الأخ من الأب في الإرث
لعلة امتزاج النسبين فيلحق به تقديمه في ولاية النكاح ونحوها. وكإجماعهم على أن الصغر
علة في الولاية المالية ، فيقاس عليه الولاية في التزويج.
المسلك
الرابع: السبر والتقسيم.[19]
وهذا المسلك قد يسمى بالسبر فقط، وبالتقسيم فقط، وبهماً معاً وهو
الأكثر.
والسبر في اللغة: الاختبار، ومنه الميل الذي يختبر به الجرح في
الطب، فإنه يقال له المسبار، وسمى هذا به؛ لأن المجتهد يقسم الصفات ويختبر كل واحدة
منها، هل تصلح للعلية أم لا ؟
السبر
في الاصطلاح: هو اختبار الأوصاف التي يحصرها المجتهد؛ ليميز الصالح للتعليل من غيره
.
والتقسيم في اللغة: الافتراق.
وفي
الاصطلاح: هو حصر الأوصاف التي يمكن التعليل بها.
فالتقسيم
مقدم في الوجود على السبر، فكان الأولى أن يقال "التقسيم والسبر" وإن لم
تدل الواو على الترتيب، لكن البداءة بالمقدم أجود، ولكن أخروا التقسيم لأن السبر أهم،
والعادة تقديم الأهم، كما هي عادة العرب تقديم الأهم في التعبير على غيره.
وتعريف
السبر والتقسيم معاً: هو حصر الأوصاف التي يتوهم صلاحيتها للتعليل، ثم اختبارها وفحصها
لإبطال ما يراه غير صالح للتعليل، فمثلاً: كقوله تعالى :(أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن
عهدا) [الأنبياء : ] وهي رد على العاص بن وائل السهمي بقوله: (لأوتين مالا وولدا) [الأنبياء
:]، فيقال له: لا يخلو مستندك من ثلاثة أمور:
الأول:
أن تكون اطلعت على الغيب، وعلمت أن الله قد كتب في اللوح المحفوظ إيتاءك المال والولد.
الثاني:
أن يكون الله أعطاك عهدا بذلك. فلن يخلف الله وعده.
الثالث:
أن تكون قلت ذلك افتراء على الله من غير عهد ولا إطلاع .
ولا
شك أن القسم الأول والثاني باطل؛ لأنه لم يطلع على الغيب، ولم يتخذ عند الرحمن عهدا.
فتعين القسم الثالث وهو الافتراء على الله.[20]
المسلك الخامس: المناسبة.[21]
وهذا
المسلك يسمى أيضا: الإخاله؛ لأن المجتهد فيه يخال أي يظن أن الوصف هذا علة للحكم.
والمناسبة
في اللغة: الملاءمة.[22]
وفي
اصطلاح الأصوليين: أن يكون الحكم مقترناً بوصف مناسب يترتب بناء الحكم عليه مصلحة مقصودة
للشارع من جلب منفعة، أو دفع مضرة، فالمناسبة ترجع إلى رعاية المقاصد. كالزنا فإنه
مناسب للتحريم؛ لأن منع الزنا فيه مصلحة حفظ الأنساب وعدم ضياعها، أو دفع مفسدة وهي
اختلاط الأنساب وعدم التمييز بين الأولاد.
وقد
عرفه ابن الحاجب بقوله: "وصف ظاهر منضبط يحصل عقلا من ترتيب الحكم عليه ما يصلح
أن يكون مقصودا من جلب منفعة، أو دفع مضرة".[23]
فالوصف:
هو المعنى القائم بالغير، وهو جنس يدخل الظاهر والخفي ، والمنضبط والمظطرب .
الظاهر
: معناه الواضح الذي لا خفاء فيه، وهو فصل فأخرج الوصف الخفي، مثل: الرضا في البيع
فلا يعتبر مناسباً لأنه أمر خفي.
المنضبط:
وهو الذي لا يختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأحوال. وهو قيد ثان خرج نه غير المنضبط،
مثل: المشقة في السفر؛ فإنه وصف غير منضبط فلا يعتبر وصفاً مناسباً.
المسلك
السادس: الشبه.[24]
ذكر
أكثر الأصوليين في تعريف الشبه: هو الوصف الذي لم تظهر مناسبته بعد البحث التام، ولكن
عهد من الشارع الالتفات إليه في بعض الأحكام.
قال
إمام الحرمين: "والشبه ذو طرفين: أدناه: قياس في معنى الأصل مقطوع به، وأبعده:
لا يستند إلى علم ولا ظن. مثال المقطوع به: لو ثبت مثلاً كون النية شرطاً في التيمم،
لكان الوضوء في معناه قطعياً.[25]
المسلك
السابع: الطرد.[26]
ويسمى
بالدوران الوجودي، وهو مقارنة الحكم للوصف بلا مناسبة لا بالذات ولا بالتبع في جميع
الصور ما عدا الصورة المتنازع فيها. وهو أضعف المسالك في الدلالة على العلة.
ويشترط
في الطرد ألا يكون الوصف مناسباً بالذات ولا بالتبع إذ لو كان مناسباً بالذات لكان
قياس علة، ولو كان مناسباً بالتبع لكان قياس شبه.
المسلك
الثامن: تنقيح المناط.[27]
بعض
الأصوليين عده من مسالك العلة.
التنقيح
في اللغة: التهذيب والتمييز والتخليص، فقولك: كلام منقح، أي لا حشو فيه.
والمناط:
هو في الأصل مصدر ميمي بمعنى اسم المكان. وهو مكان النوط الذي هو التعليق والإلصاق،
ومنه "ذات أنواط" شجرة كانوا في الجاهلية يعلقون فيها سلاحهم.[28]
وتسمى
مناطاً ، لأن الشارع علق الحكم وربطه بها.
أما
في اصطلاح الأصوليين، فتنقيح المناط: هو تهذيب العلة مما علق بها من الأوصاف التي لا
مدخل لها في العلية.
قال
ابن تيميه: "هو أن ينص الشارع على الحكم عقيب أوصاف يُعرف فيها ما يصلح للتعليل
وما لا يصلح، فينقّح المجتهد الصالح ويلغي ما سواه".[29]
مثاله: حديث الأعرابي الذي قال فيه "واقعت
أهلي في نهار رمضان ... فقال له النبي:
أعتق رقبة".
وهناك
من الاصطلاحات الأصولية :تحقيق المناط، وتخريج المناط.
4.
مسائل
متعلقة بالعلة:
المسألة
الأولى: تعليل بالعلة القاصرة المستنبطة.
العلة القاصرة الثابتة بنص أو إجماع فأطبق العلماء
كافة على جواز التعليل بها خلافاً للقاضي عبدالوهاب. وإنما الخلاف في العلة القاصرة
المستنبطة فهل يجوز التعليل بها أما لا ؟
فذهب مالك، والشافعي، وأحمد
إلى جواز التعليل بالقاصرة المستنبطة ، ومنع ذلك أبو حنيفة.
المسألة
الثانية: تعليل الحكم بالحكمة:
اختلف الأصوليون في جواز تعليل الحكم بالحكمة المقصودة من تشريع
الحكم، على أقوال:
القول
الأول: لا يجوز التعليل بالحكمة مطلقاً، سواء كانت منضبطة أو غير منضبطة، ظاهرة أو
خفية، وهو قول اكثر الأصوليين.
وعللوا ذلك: بأن تعليل الحكم بالحكمة من الأمور الخفية
التي يتعذر فيها تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع، وهي الفائدة المرجوة من التعليل.
القول الثاني: الجواز مطلقا. وهو اختيار الرازي والبيضاوي.
واحتج
اصحاب هذا الرأي بأن الجكمة هي مقصودة الشارع من شرع الحكم، وجواز التعليل بالوصف المشتمل
عليها إنما هو من أجل تلك الحكمة، فإذا لم يصح التعليل بنفس الحكمة لم يصح التعليل
بالوصف المشتمل عليها من باب أولى.
القول
الثالث: التفصيل، فيجوز التعليل بالحكمة الظاهرة المنضبطة، ولا يجوز التعليل بها أن
كانت مضطربة أو خفية. وهو اختيار الآمدي وهو أرجح الأقوال.
وذلك
أن الحكمة هي المقصودة من شرع الحكم فههي أولى بالتعليل من الوصف الظاهر المنضبط؛ لأن
الوصف وسيلة إلى العلم بوجود الحكمة.
المسألة
الثالثة: لتعليل بالوصف المركب.[30]
اختلف
العلماء في تعليل الحكم بالوصف المركب من أجزاء متعددة بحيث لا يستقل كل واحد منها
بالعلية، كالقتل العمد العدوان. على أقوال:
القول
الأول: لا يجوز التعليل بالوصف المركب من أجزاء.
القول
الثاني: يجوز التعليل بالوصف المركب من أجزاء. وهو قول الجمهور .
القول
الثالث: ذكره الرازي في المحصول عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي عن بعضهم أنه قال: لا
يجوز أن تزيد الأوصاف على سبعة بحيث لو زادت
عن سبعة أوصاف فإنه لا يجوز التعليل بالوصف المركب.
المسألة
الرابعة: التعليل بالوصف العدمي.[31]
اتفق
الأصوليون على جواز تعليل الحكم العدمي بالوصف العدمي. كتعليل: عدم نفاذ تصرفات المجنون
بعدم العقل .
واتفقوا
أيضاً على جواز تعليل الحكم الوجودي بالوصف الوجودي . كتعليل: تحريم شرب المسكر بالإسكار.
واتفقوا
أيضاً على جواز تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي. كتعليل: عدم قبول الشهادة بالفسق.
واختلفوا
في تعليل الحكم الوجودي بالوصف العدمي، على قولين:
القول الأول: الجواز، وهو قول أكثر
الأصوليين.
واستدلوا على ذلك: بأن الحكم الوجودي
قد يدور مع الوصف العدمي وجوداً وعدماً، فتثبت بذلك علته؛ لأن الدوران طريق من طرق
العلة. مثاله: قولك: ضربت العبد لعدم امتثاله، ولم أسلم على فلان لعدم رؤيته ونحو ذلك.
القول الثاني: المنع، وهو اختيار بعض
الأصوليين كالآمدي وابن الحاجب.
واستدلوا على ذلك: بأن العدمي خفي وغير متميز وشروط
العلة أن تكون ظاهرة متميزة.
5. قوادح العلة:
وقد
اختلف الأصوليون في عدد القوادح، ولكن ذكر البيضاوي أنها ستة:
أولاً:
النقض.[32]
النقض
في اللغة: هو الإفساد بعد الإحكام.[33]
فيقال : نقض العلة أي مفسد العلة التي تخرجه عن إفادة
المطلوب.
وفي
الاصطلاح: وجود الوصف المعلل به مع تخلف الحكم عنه. مثاله: أن يقول الشافعي: فيمن صام
ولم يبيت النية، صوم تعرى أوله عن النية فلا يصح، فيقول المعترض: هذه العلة منقوضة
بصوم التطوع، فإنه يصح من غير تبيت النية.
ومثاله
أيضاً أن يقال في مسألة النباش سرق نصاباً كاملاً من حرز مثله فيجب عليه القطع، فيجاب:
هذا منتقض بصاحب الدين يسرق مال مديونه ولا تقطع يده . والقدح بالنقض هو مذهب الشافعي
،ومذهب المتكلمين .
القادح الثاني: الكسر.
عرّفه
أكثر الأصوليين والجدليين: بأنه إسقاط وصف من أوصاف العلة المركبة، وإخراجه عن الاعتبار
بشرط أن يكون المحذوف مما لا يمكن أخذه في حد العلة.[34]
وقال البيضاوي: "بأنه عدم تأثير أحد الجزئين ونقض الآخر".[35]
ومعنى
هذا أن العلة تكون مركبة من جزئين، أحدهما: لا تأثير له، أي يوجد الحكم بدونه. وثانيهما:
منقوض، أي يوجد ويتخلف الحكم عنه.[36]
مثاله
: أن يقول المستدل: صلاة الخوف صلاة يجب قضاؤها فيجب أداؤها كصلاة الأمن فالعلة وجوب
قضاء الصلاة والحكم وجوب الأداء.
وأما الآمدي وابن الحاجب فعّرفا الكسر: بوجود الحكمة المقصودة
من شرع الحكم مع تخلف الحكم عنه.
فالنقض
حينئذ تخلف الحكم عن العلة، والكسر تخلفه عن حكمتها مثاله: أن يقول المستدل في المسافر
العاصي بسفره: مسافر فيترخص في سفره فالمشقة حاصلة في سفره كغير العاصي، فيقول المعترض:
هذه الحكمة قد وجدت في الحضر وتخلف الحكم عنها كما في أرباب الصنائع الشائعة، كعمال
المناجم، والحدادين ونحوهم.
القادح الثالث: القلب.
وهو إثبات أن ما استدل به في
المسألة على ذلك الوجه عليه لا له إن صح.[37]
ذهب أكثر الأصوليين إلى أن القلب حجة قادحة في العلة. وحجة ذلك
ان القلب يضعف دليل المستدل لأنه ينتج خلاف ما أثبته دليله، والدليل الواحد لا يدل
على الشيء الواحد وخلافه.
القادح الرابع : القول بالموجَب.[38]
وهو
تسليم المعترض بمقتضى دليل المستدل مع بقاء الخلاف بينهما في الحكم المتنازع فيه.
وبيان ذلك: أن يقول المعترض: نعم إن ما استدللت به صحيح إلا أنه
ليس في محل النزاع، فلا ينقطع النزاع لأن الحكم المتنازع فيه لم يثبته دليل. مثال ذلك
: قوله تعالى: (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) [المنافقون:8]
فهم
كنّوا عن أنفسهم بالعزة، وعن المؤمنين بالذلة، والله سلّم لهم أن الأعز يُخرج الأذل
ولكن ليس على مرادكم؛ بل أنتم الأذلون (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فالقول بالموجَب من أحسن ما يجيء به المناظر، وهو
نوع من بديع الكلام.
القادح الخامس: عدم التأثير.
وهو بدء وصف في الدليل مستغنى عنه في إثبات الحكم أو نفيه.[39]
وهو
دعوى المعترض: بأن الوصف المعلل به غير مناسب للحكم، وذلك لكون الوصف اختل فيه شرط
من شروط العلة، فلا يكتفي به في التعليل .
القادح السادس: عدم العكس. [40]
وهو وجود الحكم بدون الوصف في موضع غير الموضع الذي ثبتت فيه العلية.
مثاله: استدلال الحنفي على منع تقديم أذان الصبح على وقتها بكونها صلاة لا تقصر، فلا
يجوز تقديم آذانها كصلاة المغرب، فالعلة لعدم التقديم هي كونها صلاة لا تقصر ون والحكم
عدم تقديم الأذان.
فيقال له: هذا الوصف لا ينعكس؛ لأن الحكم الذي هو
منع تقديم الأذان على الوقت موجود في الظهر والعصر، مع أن كلا منهما صلاة يجوز فيها
القصر، وكلا منهما غير المغرب.
فالحكم
قد وجد في غير المغرب مع تخلف الوصف عنه وهو عدم القصر.
فهرس
المراجع:
المستصفى في علم الأصول، محمد بن محمد الغزالي
أبو حامد، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى ، 1413، محمد عبد السلام عبد الشافي،
عدد الأجزاء : 1.
أصول السرخسي، محمد بن أحمد بن أبي سهل
السرخسي أبو بكر، عدد الأجزاء : 2.
الإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول
إلى علم الأصول للبيضاوي، علي بن عبد الكافي السبكي، دار الكتب العلمية – بيروت.
البحر المحيط في أصول الفقه، بدر الدين
محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، محمد محمد تامر، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان،
الطبعة الأولى، 1421هـ / 2000م.
إرشاد الفحول إلي تحقيق الحق من علم الأصول،
محمد بن علي بن محمد الشوكاني، المحقق: الشيخ أحمد عزو عناية، دار الكتاب العربي، دمشق.
المسودة في أصول الفقه، عبد السلام عبد
الحليم أحمد بن عبد الحليم آل تيمية، تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد، المدني –
القاهرة.
شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة
والتعليل، محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، تحقيق : محمد بدر الدين أبو فراس
النعساني الحلبي، دار الفكر - بيروت ، 1398 – 1978، عدد الأجزاء : 1.
الإحكام في أصول الأحكام، علي بن محمد الآمدي
أبو الحسن، دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة الأولى ، 1404.
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآنمحمد
الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي، دار الفكر للطباعة و النشر
و التوزيع بيروت – لبنان، الطبعة : 1415 هـ- 1995 مـ.
لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي
المصري، دار صادر – بيروت، الطبعة الأولى.
البرهان في أصول الفقه، عبد الملك بن عبد
الله بن يوسف الجويني، دراسة وتحقيق:صلاح بن محمد بن عويضة، دار الكتب العلمية بيروت
– لبنان، الطبعة الأولى 1418 هـ - 1997 م.
المحصول في أصول الفقه، القاضي أبو بكر
بن العربي المعافري المالكي، دار البيارق – الأردن، الطبعة الأولى ، 1420هـ-1999م،
تحقيق : حسين علي اليدري، عدد الأجزاء : 1.
المعجم الوسيط ـ موافق للمطبوع،
إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار، دار الدعوة، تحقيق:
مجمع اللغة العربية، عدد الأجزاء: 2.
[38] بفتح الجيم ،أي: القول بما أوجبه دليل المستدل واقتضاه ،
وبكسر الجيم : فهو نفس الدليل ؛لأنه الموجِب للحكم.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar